recent
جديد تعليم كم

التقويم الداخلي للمؤسسات المدرسية

الصفحة الرئيسية

التقويم الداخلي للمؤسسات المدرسية
التقويم الداخلي للمؤسسات المدرسية

التقويم الداخلي للمؤسسة وعلاقته بأشكال التقويم الأخرى

 لتحديد مفهوم التقويم الداخلي للمؤسسة المدرسية ننطلق أولا من تحديد مفهوم التقويم بصورة عامة، وفي هذا الإطار تطالعنا جملة من التعريفات، بعضها يؤكد على وظائف التقويم، وبعضها الآخر على وسائله.

فقد عرفه القرشي سنة 1986 بكونه :

الأسلوب العلمي الذي يتم من خلاله تشخيص دقيق للواقع التربوي واختبار لمدى كفاءة الوسائل المستخدة والاستفادة من ذلك في تعديل المسار التربوي نحو تحقيق الأهداف على الوجه الأفضل.

أما De Ketele سنة 1989  فقد حاول تقديم تعريف إجرائي حدد فيه مسار التقويم وأهدافه :

 التقويم يعني جمع جملة من المعلومات على درجة كافية من الوجاهة والصدق والثبات، وفحص درجة الملاءمة بينهما وبين مجموعة من المحاكات المناسبة للأهداف المرسومة في البداية أو المعدلة أثناء الإنجاز، وذلك قصد اتخاذ القرار.

ويلائم هذا التعريف تقويم المؤسسة التعليمية، إذ أن تقويمها يعنى بجمع معلومات دقيقة عن مختلف مكوناتها الإدارية والتربوية، وعن سير عملها، والنتائج التي تساهم في تحقيقها قصد دراستها في ضوء محكات مضبوطة، وذلك من أجل اتخاذ قرار معين في شأن المؤسسة.

إن تقويم المؤسسة المدرسية عملية تنطلق بتحديد هدف يراد بلوغه وتنتهي باتخاذ قرار يكون على صلة بذلك الهدف. ولا يعني هذا انتهاء العملية تماما بل كثيرا ما يكون منطلقا لجملة من الإجراءات الراجعة التي لا تقل أهمية عن إجراءات التقويم ذاتها.

يكون التقويم داخليا إذا كان كل مستعملي التقويم من داخل المؤسسة المقومة، دون إقصاء إمكانية الالتجاء إلى دعم فني خارجي. لابد أن يكون الفريق التربوي مصدر التقويم وأول المستثمرين لنتائجه.

وتندرج ضمن هذه المجموعة ممارسات التقويم الذاتي التي تتم في إطار مقاربة شاملة لعمل المؤسسة. والتتقويم الداخلي صنف خاص من تقويم المؤسسات، ينجز عادة بمبادرة من رئيس المؤسسة بالتعاون مع كافة الأطر التربوية العاملة بالمؤسسة.

وتفترض هذه العملية التقويمية جمع معطيات حول المؤسسة قصد تشخيص الصعوبات أو المشاكل التي تواجهها والتهيؤ لتقديم بيان عن سير أعمالها عند الطلب. وفي هذا الإطار لابد من التمييز بين التقويم الداخلي والتقويم الذاتي الذي يتولى فيه كل طرف في المؤسسة تقويم الوظيفة التي يقوم بها شخصيا.

وبغض النظر عن التفريعات التي يمكن أن يعرفها التقويم الداخلي للمؤسسة المدرسية تبقى جدواه رهينة بجملة من الشروط الخاصة أهمها:

  • أن يكون جزءا من العملية التعليمية التعلمية  قوامها التقويم والمراجعة والتعديل.
  • أن ينطلق  بإثارة تساؤلات معينة عن وضع المدرسة الراهن وطبيعة أدائها وممارساتها وعن أهدافها المستقبلية.
  • أن يشمل كل من له علاقة بالتخطيط والتطوير ورسم خطوات العمل وتنفيذها.
  • أن تضم العملية جميع أفراد الإدارة التربوية وأطر التدريس والأطر المختصة  دون استثناء.
  • أن تكون معالجة جميع عناصر عملية التقويم من حق الفريق التربوي، أي أن كل ما يتم جمعه من معلومات، وما يتم اتخاذه من قرارات، وما يستوجب القيام به من تخطيط يكون ملكا للمدرسة ومن مجال اختصاصها.
  • أن يستهدف عملية التقويم تحسين عمل المدرسة وتطوير أدائها. وينضاف إلى ذلك هدف أساس يتمثل في استعداد المدرسة للتدقيق والمحاسبة والموازنة بين المدخلات التي انتفعت بها والمخرجات التي ساهمت في إنتاجها

الإطار المفاهيمي لتقويم المؤسسات المدرسية

يعد النموذج المنظومي (النسقي) الإطار التحليلي الأكثر قدرة على فهم اشتغال المؤسسة المدرسية، والكشف عن شبكة العلاقات القائمة فيها والمتحكمة في أدائها. وذلك لما يتميز به من شمولية في الطرح وقدرة على إبراز التفاعلات الداخلية والخارجية بين مختلف مكونات المنظومة.
فالمخلات من ناحية، والمخرجات من ناحية أخرى، وما يربط بينهما من عمليات في سياق معين كلها عناصر أساسية، يرتكز عليها عمل المؤسسة المدرسية وتستوجب بالتالي إخضاعها بانتظام لعملية التقويم قصد تحديد تأثيرها في نجاعة أو عدم نجاعة المؤسسة المدرسية.
ولمزيد من التوضيح نورد الرسم التالي الذي يبرز مختلف التفاعلات داخل المؤسسة المدرسية ومع محيطها والتي تتدخل بدرجات متفاوتة في تحديد أدائها.
الإطار المفاهيمي لتقويم المؤسسات المدرسية

المؤسسة المدرسية بين الماضي والحاضر

كانت المؤسسة المدرسية في أغلب البلدان مجرد وحدة إدارية بسيطة، مهمتها تطبيق التعلمات والقوانين المرسومة في مستوى أعلى، وكانت الإدارة المركزية والقسم الذي يجري فيه التعلم أكثر المستويات ظهورا في مجموعة هياكل تجمع تحت اسم التربية الوطنية وتشكل النظام المدرسي.
وبتأثير جملة من الظروف السياسية والاقتصادية والاجتماعية، بدأت المؤسسة المدرسية تأخذ مكانها الطبيعي باعتبارها فضاء حقيقيا للفعل، ومؤسسة قائمة الذات، وموضوعا علميا جديدا للبحث والمساءلة.

الاهتمام بتقويم المؤسسات المدرسية وأسبابه

أمام هذه المسؤوليات الكبيرة التي وضعتها الأنظمة التربوية على عاتق المدرسة والإطار العامل فيها، أصبحت عملية التقويم بمثابة حجر الأساس في فحص مدى قيام المدرسة بدورها. وهو ما يفسر تزايد الحاجة إلى تقويم أداء المدرسة في السنوات الأخيرة.
وقد اقترن ذلك بتوجه عام نحو "اللامركزية"، وتحويل الإدارات المركزية لجانب هام من اختصاصاتها لفائدة الإدارات الجهوية أو المحلية، وتشجيع المبادرة والاستقلالية. وقد أدت هذه الحركة إلى إعادة توزيع المسؤوليات وإعادة النظر في أدوار مختلفة الأطراف المعنية، بما في ذلك دور المؤسسة.
وفي  ضوء الكلفة العالية للتربية والتعليم، أصبحت الحكومات والسلطات التربوية خاصة مطالبة بتحقيق نتائج في حجم المصاريف والموارد المخصصة لهذا القطاع.
وبفضل انتشار الوعي في صفوف الأولياء، تزايد الاهتمام بتربية الأبناء وبكل ما توفره المدرسة من تكوين وما تحققه من نتائج، فأصبحت نجاعة المؤسسة المدرسية الشغل الشاغل للجميع، وأصبح تقويم مردودها مطلبا اجتماعيا يستلزم الحصول على كشف دقيق حول نشاطها وكيفية تسييرها لمواردها البشرية والمادية ومدى خدمتها لأهداف النظام التربوي.
صحيح أن المدرسة كانت موضوعا للتقويم التربوي من خلال تقويم تحصيل الطلاب أو أداء المدرسين عن طريق استخدام قرائن كمية بالأساس، لكن التغيرات التي طرأت على مفهوم المدرسة والأدوار الهامة والمتعددة التي أصبحت مدعوة للاضطلاع بها، فرفضت بلورة مفهوم متطور لتقويم المدرسة.
وهو مفهوم يقتضي أن يكون التقويم شاملا، وأن يركز على مختلف مكونات المدرسة ومجالات عملها، سعيا إلى الوقوف على مدى فاعليتها وجودة أدائها ومدى قدرتها على تحقيق أهدافها، وذلك من أجل تحسين مردودها للوصول إلى أعلى درجات الكفاية والفاعلية.

google-playkhamsatmostaqltradent