إطار الجودة في التعليم الجامعي
يتكون إطار الجودة في التعليم الجامعي من عملية ثلاثية الأبعاد من التخطيط لرسالة الجامعة والمشاركة الفاعلة لعناصرها البشرية بما يحقق الإفادة من جميع تلك العناصر دون استثناء إحداها، أو التقليل من قيمة أي منها، وما يتم في تلك العملية مستمر عليها، يؤدي إلى مواكبتها لأحدث ما توصلت إليه النظرية العلمية في شأنها.
وترتكز المعايير الأساسية لتقييم الجودة النوعية في الأداء الجامعي على الرسالة والأهداف العامة، وهيكلية البرنامج ومضمونه، والبيئة التربوية التعلُّمية / التعليمية، ونوعية الطلبة المقبولين، ونظام الدراسة، ونسب النجاح، ونوعية الخريجين، ونجاعة نظام الدراسة، ونوعية هيئة التدريس، والمرافق التعلمية التعليمية، والتواصل الخارجي والتبادل المعرفي، والتقييم الداخلي .
إطار الجودة في التعليم الجامعي |
ومن مجالات التحقق من مؤشرات الجودة في التعليم الجامعي ما يلي:
الفلسفة والرسالة والأهداف
فالجودة في سياسات التعليم الجامعي ت مثل معيار الفاعلية فيه، وتسيره كذلك في طريق واضح المعالم دون تخبط، فعلى صعيد سياسات قبول الطلبة: يجب أن يفتح القبول للقادرين على تحقيق متطلباته، وينبغي استبدال شهادة الدراسة الثانوية كأساس للالتحاق بالجامعة في امتحان للقبول في الجامعات يضعه مركز وطني للامتحانات والقياس، ويجب إجراء التغييرات اللازمة على امتحان الثانوية العامة ليتوافق مع ما ورد سابًقا.
والإدارة الجامعية الرشيدة تلك التي تهيئ مناخا تعليميا وبحثيا مناسبا، والتي تتداخل في مجملها وتتعاون معا نحو تحقيق أهداف الجامعة الرئيسة. لذا لابد من إدارة جامعية قادرة على تحديد الفلسفة والأهداف التي تنطلق من رسالة واضحة المعالم دون لبس في المعتقد والنهج المؤدي إليها بطريقة عصرية تواكب تطوراتها.
المساقات الدراسية
إن التغيرات المجتمعية التي طرأت حديًثا على الأفراد، ومنها التحول إلى اقتصاديات السوق والنمط الاستهلاكي وتغير اتجاهات وميول الأفراد واستعداداتهم بسبب ظروف العصر حول الأفراد قسرا إلى التحول عن ثقافة الذاكرة والتعلم بالصم، فما عاد للأفراد جهد ولا وقت لتحمل ذلك، وبالتالي تظهر الحاجة ملحة إلى تطوير مناهج الدراسة ولاسيما في مرحلة الجامعة، وأن يرتبط هذا التطوير والتحديث بآليات نقل المعرفة إلى الأفراد – أي طرائق التدريس وتكنولوجيا التعليم التي يجب أن تساير محتوى الدراسة المطور.
ذلك أن استخدام طرق تدريس ومتابعة وتقويم وتكنولوجيا تعليمية أكثر فعالية يؤدى إلى تفعيل العملية التعليمية برمتها. وتعتمد المساقات الدراسية في التعليم الجامعي بكثير من الدول المتقدمة على أساس موضوعات بحثية، لا كتاب أو ملزمة محددة يتلقاها الطالب حسب طريقة التدريس القديمة، وهذه خطوة أولية لتخريج الطالب الجامعي باحثا. إن الذي يعتمد في الوصول إلى البيانات والمعلومات على نفسه بتوجيه و إرشاد من المحاضر.
ولابد من عملية مراجعة مستمرة للمساقات الجامعية، وذلك لضمان كل مما يلي:
- الحداثة
- المواءمة
- التفكير التحليلي
- التعلم الذاتي
- إكساب المهارات
كما يجب اكتمال المراجعة خلال سنة واحدة وتكرارها كل خمس سنوات، ويجب أن تتضمن
طرائق التدريس: استخدام تقنيات المعلومات الحديثة، التركيز على التعلم الذاتي، والتفكير التحليلي، ويجب تغيير طرق تقييم الطلبة بحيث تصبح قادرة على قياس مدى تحقق الأهداف التعليمية، كما يجب على الطلبة تعبئة نموذج لتقييم المنهاج الذي درسوه والأساتذة الذين علموهم وذلك عند تخرجهم، ولذلك يقترح تشكيل لجنة لدراسة البرامج الجامعية القائمة من حيث الحاجة له و إمكانية تطبيقها، وتوفر فرص العمل لخريجيها، وأن تشكل اللجنة من جميع الجهات المعنية.
وهكذا فإن المساقات الجامعية في حاجة إلى تحديث مستمر حتى لا تتخلف وراء التطور الدائم والسريع لعلومها. ويتضمن المساق الدراسي المناسب برامج ذات علاقة باهتمام بميول الطلبة الأكاديمية والمهنية ومساقات تتركز حول مشكلات معينة بدل من المساقات التي تتركز حول مواد دراسية، ويتم التركيز في المسا ق على التصورات الجديدة المتعلقة بالمقارنات الثقافية والأحداث الإنسانية العالمية، وعلى فهم الطالب لنفسه ولمكانته في المجتمع، وعلى الأهداف المتعلقة بالكفايات التي سيتقنها في النهاية.
الهيئة التدريسية
إن أهم ما يتعلق بهذا المجال ضرورة تنمية أعضاء هيئة التدريس بعد التأكد من اختيار الكفايات والكفاءات القادرة على التواصل مع الطلبة في مرحلة التعليم الجامعي.
و يفترض في أعضاء هيئة التدريس أن يتمتعوا ببصيرة نظرية؛ أي فهم عقلي لكيفية وسبب ما يقوم بها لإنسان لتأدية وظيفته ، وهذا يتطلب منه أن يكون مهنيا لا حرفيا، وذلك لتمكين أستاذ الجامعة من التدريس في ضوء أهداف واضحة المعالم والصياغة، وفى ضوء فهمه لخصائص طلابه النفسية والاجتماعية وشروط وكيفية تعلمهم وخطوات التدريس وأساليب التعامل معهم والاتصال بهم أهمية خاصة في نجاح العملية التعليمية الجامعية.
وبالنسبة لتعيين أعضاء هيئة التدريس في الجامعة؛ يجب وضع سياسة متشددة للتعيين تراعيا للأهلية والشفافية، ويجب أن يتوقف تعيين الأساتذة من نفس خريجي الجامعة، ويجب وضع برنامج شامل للابتعاث في كل الجامعات وتأهيل أعضاء هيئة التدريس الحاليين، إضافة إلى أنه يجبر بط الترقية بمستوى الأداء، واستبدال نظام التثبيت بنظام العقود.
إن قياس جودة التدريس الجامعي لدى أساتذة الجامعات يعني أساسًا قياس درجة الامتياز أو مطابقة السلوك التدريسي للأستاذ الجامعي للمواصفات الجيدة، أو مطابقة الممارسات والوظائف التي تم إنجازها مع المعايير السليمة المتعارف عليها ، أو قياس درجة الإتقان. وفيما يتعلق بجودة التدريس الجامعي لدى أساتذة الجامعات، فإنها تشمل :
- معايير اختيارهم.
- قدرات التدريس الجامعي.
- توفير احتياجات التطوير المهني.
- إمدادهم بكل ما هو جديد في طرق التدريس والتقويم.
وبهذا المعنى يقوم قياس جودة قدرات التدريس الجامعي استنادًا إلى مجموعة من المعايير المتعلقة بالقدرات والخصائص المهنية والشخصية التي ينبغي أن تتوفر في الأستاذ الجامعي الجيد.
وتلعب إستراتيجيات التدريس ووسائله دورا أساسيا في توضيح الدروس وفاعلية تأثيرها في حياة الطلبة فالإستراتيجية الفاعلة تعمل على تبسيط فهم موضوع الدرس المراد عرضه، وعلاوة على ذلك تعتبر بمثابة تسهيلات مادية ومعنوية توظف في عرض الدروس لتقصير مسافة الزمن اللازم لفهمها واستيعابها، ومن ثم انتقال أثر التعلم من خلال نتائج آثارها على المتعلم، وكذلك تقليل الوقت والجهد اللازمين لتنفيذ الدرس، مما يجعل عملية التعليم عملية استثمارية توظيفية لجميع عناصرها البشرية منها والمادية.
وليس هناك من لا يتفق مع أهمية استخدام الطريقة الصحيحة في التدريس، وبسبب عدم وجود وسيلة بسيطة ومباشرة لانتقاء طريقة تدريس؛علينا مراعاة عدة عوامل منها:
- غرض أو هدف التعليم
- والمستوى المطلوب،
- وحجم المجموعة،
- والمقيدات المحلية؛ مثل :الوقت المتاح والتسهيلات، ودرجة استقلالية المتعلمين،
- وأخيرا تفضيلات أو مكروهات للمحاضر الجامعي.
وننوه في هذا الصدد إلى أن الثورة المعرفية والتكنولوجية العصرية تحتاج إلى عملية تعليم وتعلم يقلل من الزمن المستنفذ في كل موضوع من موضوعاته ا، ومن ثم الانتقال إلى تعليم وتعلم آخر، وذلك بهدف إحاطة الطالب الجامعي بنصيب وافر من العلوم والمعارف المتجددة باستمرار.
الطلبة وجودة التعليم الجامعي
الطلبة هم بؤرة الاهتمام في التعليم الجامعي، وذلك لأن العملية التعليمية برمتها قد بنيت من أجلهم.ومن دواعي ذلك الاهتمام ما توصلت إليه النظريات الحديثة من أن التركيز على الطلبة يعتبر ركيزة أساسية في توجيههم نحو مستقبل يلبي حاجياتهم ورغباتهم، وذلك بما يواكب التطورات العصرية في انفتاح الطلبة على ضرورات حياتهم الحاضرة والمستقبلية.
إن تطبيق إدارة الجودة الشاملة في مؤسسات التعليم العالي يتطلب مستلزمات التي من خلالها يمكن تطويع مبادئ الجودة الشاملة بما يناسب التعليم الجامعي، ولكي تحقق الجودة الشاملة في المؤسسة الجامعية، فهي بحاجة إلى إحداث متطلبات أساسية حتى تستطيع تقبل مفاهيم الجودة بصورة سليمة قابلة للتطبيق العملي، والتي استخلصها الباحثان من عدد من الأدبيات الغربية والعربية والتي اتفقت كلها على أنها تشكل أرضية صالحة للتطبيق.
ومن هذه المتطلبات:
- جودة الطلبة: الطلبة هم بؤرة الاهتمام في التعليم الجامعي، وهم من أبرز عوامل تحسين جودة الخدمة التعليمية، وتتلخص تحته العناصر التالية:
- انتقاء الطلبة: تتمثل عملية انتقاء الطلبة لقبولهم للالتحاق بالتعليم العالي إحدى الممارسات الشائعة في في الجامعات والكليات، باعتبار هذه الأخيرة التي تنتقي طلبتها تتميز عن مثيلاتها الأقل انتقاء. حيث أن انتقاء الطلبة وقبولهم يمثل الخطوة الأولى في جودة التعليم العالي.
- نسبة عدد الطلبة: من بين مظاهر جودة التعليم الخدمة التعليمية الأخذ بعين الاعتبار نسبة عدد الطلبة لعضو هيئة التدريس، إذ يجب أن تكون هذه النسبة مقبولة بالدرجة التي تضمن تحقيق فعالية العملية التعليمية ...فكلما كان عدد الطلبة قليلا كان ذلك أفضل في رفع حيوية الدرس، وإتاحة فرصة أكبر للمشاركة وتبادل الأفكار، بالإضافة لعنصر مهم وهو دافعية الطلبة واستعداداتهم للتعلم وسعيهم للمعرفة وحب الاطلاع والرغبة في الحصول على ثراء معلوماتي.
البحث العلمي وجودة التعليم الجامعي
- تعد مسألة ضمان جودة البحوث العلمية ضرورة وطنية وقومية أكيدة وليس كما يتصور البعض على نحو خاطئ في أنها تمثل نوعا من الإنفاق الخدمي الذي ليس له مردود مادي ملموس، أو أنها "تحصيل حاصل" للتفاعلات في إطار منظومة البحث العلمي.
- إن ضمان جودة البحوث العلمية يشكل الأساس لجميع أنواع التنمية التكنولوجية والاقتصادية والاجتماعية والسياسية والثقافية التي يحتاجها الوطن العربي، ذلك لارتباط أولويات البحث العلمي بأولويات خطط التنمية، كما تتأثر بمستوى البحث المطلوب وحجم الموارد المتاحة له.
- تعزيز حالة الرضا لدى العملاء الذين يقومون بتمويل الأبحاث العلمية بصورة مباشرة أو غير مباشرة فعلى سبيل المثال: في البحوث الطبية قد يطلب هؤلاء ليس فقط ضمان جودة الرعاية الطبية ولكن أيضا جودة البحوث الطبية. الأمر الذي يستلزم البحث عن المعيار الملائم لتقييم جودة البحوث من وجهة نظر ذات الصلة، إذ لا يكفي فقط معرفة أن نسبة معقولة من البحوث الطبية أسهمت في تحسين جودة الحياة على الأقل لبعض المرضى. ولكن يجب أيضا الإثبات وأن يكون واضحا لدافع الضرائب أن هذه هي القضية التي يجب التركيز عليها.