recent
جديد تعليم كم

مشكلات الطلبة المتفوقين دراسيا وحاجاتهم

 مشكلات الطلبة المتفوقين دراسيا وحاجاتهم

انصبت أعمال واهتمامات الباحثين التربويين على دراسة فئة الطلبة المتفوقين دراسيا، نظرا لمتطلباتهم وحاجتهم للرعاية، وعلى اعتبار الفئة لها تأثيرها على كيان الفرد، ويظهر ذلك بما يتسم به الطالب المتفوق من مجموعة من الأمور الإجابية مثل اجتهاداته وانضباطه مما ينعكس عليه بالنجاح الدراسي وكذلك تفوقه في الحياة المستقبلية مما ينعكس عليه وعلى مجتمعه بالإيجاب. 

وباعتبار هذه الفئة من المتفوقين دراسيا بمثابة الثروة التي يملكها المجتمع والتي تسعى لتقدمه وتطويه اقتصاده. ضف إلى ذلك أن اهتمامات الباحثين ودراساتهم حول الطلبة المتفوقين دراسيا أثبتت وجوب رعايتهم وتشخيصهم وإشباع حاجاتهم وتقديم الخدمات الوقائية والعلاجية، ونظرا  لتميز الطلاب المتفوقين بسماتهم الشخصية والسلوكية والانفعالية والتعليمية-التعلمية والقيادية والاجتماعية، فإن لهم بعض المشاكل ناتجة عن تلك الصفات والخصائص مع مجتمع الرفاق.

وأن شعور بعض المتفوقين والموهوبين بالاختلاف هذا يدفعهم لعدم التكيف والشعور بالاستياء وعدم الانسجام والشعور بالملل وعدم الرغبة في متابعة الدروس بالفصل الدراسي لسهولة تلك الموضوعات والمواد وقصورها في الوصول لمستوى قدراتهم الذهنية، وذلك بسبب عدم مراعاة ما يتميزون به من قدرات وعدم كفاية المناهج الدراسية لمتطلباتهم وميولهم وحاجاتهم من حب للاستطلاع واكتشاف المعلومات، لذا كان من الضروري الوقوف على هذه المشكلات للتدخل بتقديم خدمات متكاملة تتجه إلى تنمية شخصية المتفوق دراسيا ورعايته.

يقابل اكتشاف المتفوقين في العالم العربي وغيرها من الدول النامية كثيرا من الصعوبات والعقبات التي ينجم عنها وقوع المتفوقين في العديد من المشكلات، إلا أنه يمكنهم التغلب على كثير منها نظرا لذكائهم المرتفع الذي ييسر لهم التعامل مع هذه المشكلات وحلها، ولا يعني ذلك أنهم يمكنهم مواجهة جميع المشكلات دون توجيه ممن هم أكبر سناً منهم كالآباء والمعلمين.

كما أن هناك من المتفوقين والموهوبين والمبدعين يصادفون صعوبات شديدة في معالجة مواقف الحياة، إذ أن النضج الاجتماعي والوجداني ليسا تابعين بالضرورة للتفوق والموهبة، فبالرغم من أن ذكاء المتفوقين يزودهم ببصيرة تساعدهم في حل المشاكل، إلا أنه غالباً ما يكون مصدرا لحساسية تضطرهم لمواجهة مشاكل قد لا يواجهها الطفل العادي. كل ذلك عبر عنه أبو حطب  في تعريفه للمتفوقين أو الموهوبين بأنهم الطلاب الذين لا يستفيدون من نظام التعليم الحالي، ويقصد بذلك النظام القائم على الإلقاء النظري المجرد مع المقررات التي تخلو من تنمية وتحفيز الأفكار الإبداعية لدى المتفوق، وخلو المدرسة من الأنشطة والمهارات الصفية واللاصفية التي تصقل موهبته، الأمر الذي يدعو إلى إعادة النظر في منظومة التعليم من حيث أهدافها وبرامجها ومناهجها ونظم الإدارة والتقويم والمباني المدرسية والتجهيزات وغيرها.

مشكلات الطلبة المتفوقين دراسيا وحاجاتهم
مشكلات الطلبة المتفوقين دراسيا وحاجاتهم

وفي هذا السياق توصل كريقر إلى أن نسبة ما بين % 20 إلى % 25 من الموهوبين يعانون من مشكلات تكيفية، وعلى الرغم من أن الموهوبون يتمتعون بذكاء عال ي زودهم ببصيرة عالية، غير أنهم يتسمون بحساسية عالية ويعانون من عدم تناسب النضج الانفعالي لعمرهم الزمني، وكل هذا يجعلهم عرضة للمعاناة من المشكلات النفسية والاجتماعية. 

كما أكد كل من بيرلي وجنشفت أن هؤلاء المتفوقين والموهوبين من أشد الناس حاجة إلى عملية الإرشاد والتوجيه الأكاديمي أو المهني، وبدون هذا الإرشاد، قد يختار تخصصاً دراسيا أو مجال عمل قد يضطر إلى تغيره بعد فترة من الزمن قضاها في دراسة ذلك المجال أو في ممارسة ذلك العمل، والذي وجد فيه أنه لم يشبع طموحه ويحقق رغباته. 

وإن صعوبة الاختيار للمتفوق والموهوب لمجال الدراسة أو المهنة هو راجع لتعدد مواهبه وقدراته، فهو متميز الأداء في مختلف المجالات التي يدرسها نتيجة لارتفاع مستوى ذكائه أو نتيجة لتعدد مواهبه. 

وبالتالي فإن التعرف على مشكلات فئة المتفوقين أمر يفرض نفسه على المجتمع بصفة عامة، وبدون النظر لمشكلات المتفوق والموهوب على أنها مشكلات خارجية فقط تتعلق بالإمكانات والبرامج التعليمية التعليمية غافلة بذلك النظرة الشمولية لمشكلاته سواء الخاصة :  منها جسمية – عقلية – وجدانية – شخصية أو العامة : قيادية – اجتماعية – مدرسية – أسرية.

إذ يحتاج المتفوقون إلى رعاية خاصة تمكنهم من تنمية طاقاتهم، إلى أقصى مستوى ممكن وذلك بتقديم خدمات نفسية وتربوية تهدف إلى التخطيط لتنمية السمات النفسية المسؤولة عن التفوق مثل الثقة بالنفس والدافعية والمثابرة ومفهوم الذات وغيرها. ولذلك فإن البحث في مشكلات المتفوقين، أمر في غاية الأهمية ذلك لأن التعرف والاكتشاف عنها تسمح في البحث عن حلول تربوية لها قبل استفحالها.

أعزائي متابعي مدونة تعليم كم  taalimkom بما أن  الموضوع يتناول مشكلات الطلبة المتفوقين دراسيا، يتوجب أولا شرح المصطلحات الأساسية المتعلقة بموضوعه وذلك كالآتي:

مفهوم مشكلات المتفوق دراسيا

هي مجموعة العقبات والصعوبات الخاصة التي يواجهها الفرد المتفوق الجسمية منها والفسيولوجية، والمزاجية)الانفعالية( والعقلية المعرفية والتربوية بجانب العقبات والصعوبات الخارجية التي يتعرض لها الفرد من أسرته ومدرسته وأقرانه ومجتمعه، ولا يمكنه التغلب عليها بنفسه فيسوء بذلك توافقه النفسي والاجتماعي ويصعب معها ممارسة سلوكه القيادي والاجتماعي بنجاح متميز، وتجعله يسلك سلوكاً غير مناسب أو غير مقبول اجتماعياً وتقل فاعليته في المواقف الاجتماعية، وتضعف قابليته للتعلم واكتساب المعرفة ومن ثم ينخفض أداؤه الأكاديمي والمهاري.

مفهوم الموهبة والتفوق

لا يخفى على الجميع أن عبارة الموهوب أو المتفوق تعتبر من أكثر القضايا التربوية أهمية وتعقيدًا، لما يترتب عليها لاحقًا من عملية اختيار وتصنيف للطلبة إلى موهوبين ومتفوقين أو طلبة عاديين...الخ،  ومن هنا نجد أنه لا يوجد تعريف عالمي متفق عليه للموهبة والتفوق. ونشير هنا إلى أنه لا يزال الاستعمال الشائع لهذين المصطلحي الموهوب والمتفوق حتى في أوساط الخبراء يشوبه الكثير من الغموض وعدم الترابط والخلط، وغالبًا ما يتم استخدام أحدهما بديلا للآخر.

وتلعب سمات وخصائص الطلبة الموهوبين والمتفوقين دورا بارزا في تحديد أحد الأبعاد الرئيسة التي يقوم عليها تعريف الموهبة والتفوق، حيث ذهب الكثير من العلماء والباحثين إلى تبني سمات وخصائص الموهوبين والمتفوقين كتعريف للموهبة واّلتفوق، وقد كان من أعظم نتاجات دراسة لويس تيرمان أنها حددت الكثير من السمات والخصائص الدالة على الموهبة والتفوق، وقد شرع  الكثير من الباحثين والعاملين في ميدان الموهبة والتفوق بدراسة هذه السمات والخصائص وحصرها وترتيبها في قوائم، حتى أصبحت إحدى المقاييس الرسمية والمستخدمة في الكشف عن الموهوبين والمتفوقين.

وتعتبر السمات والخصائص هي المحك الأساسي الذي يعتمد عليه الأهل والمعلمين في تحديدهم للموهوب والمتفوق، وأصبحت هذه السمات والخصائص تصاغ بصور إجرائية متبناة من القائمين على صناعة برامج الموهوبين والمتفوقين، وتعتبر المفتاح الأساسي في صناعة المناهج التي سيدرسها هؤلاء الموهوبين والمتفوقين، والتي تقتضي بالأساس أن تلبي طموحهم وتتحداهم، ومن أشهر المتخصصين والباحثين الذين تحدثوا عن سمات وخصائص الموهوبين والمتفوقين في دراساتهم وأبحاثهم وكتباتهم.

 وللإحاطة بجميع الأبعاد التي ينطوي عليها تعريف الموهبة والتفوق ، كان لابد من المراجعة الشاملة للتعريفات التي ظهرت منذ وجدت البرامج الخاصة لتعليم الموهوبين والمتفوقين ورعايتهم، قبل أكثر من ثلاثة عقود من الزمان.

خاتمة:

على الرغم من أن دراسة فئة المتفوقين دراسيا يبدو بسيط الطرح نظرياً، إلاّ أنه موضوع لابد التعامل معها بأكثر جدية وموضوعية، وبطرق تربوية مبنية على أسس علمية. وقد تباينت اتجاهات الباحثين السيكولوجيين والتربويين في تفسير مشكلات المتفوقين دراسيا، باعتبار هذه الفئة من ذوي الاحتياجات الخاصة، وأن على المؤسسات التربوية والتعليمية من إشباع حاجاتهم، و ذلك في ضوء ما يسمى برعاية المتفوقين دراسيا ومن خلال تطبيق طرق التدريس الفعالة وإعداد مناهج دراسية تتماشى مع كفاءتهم وقدراتهم لتزيد من استعدادهم ومثابرتهم نحو التحصيل المرتفع، وتوعية أوليائهم وتعرفهم على أولادهم المتفوقين ورعايتهم، وهذا ما عملت به خاصة الدول المتقدمة وكذلك البعض من الدول النامية والذي يظهر في إعداد وإنشاء مدارس خاصة بالمتفوقين، لأن تدعيم ورعاية تلك الشريحة المثقفة من المتفوقين يمس تقدم الدولة واقتصادها.

google-playkhamsatmostaqltradent