أعزائي متابعي مدونة تعليم كم taalimkom سنتطرق في هذا الموضوع لمجموعة من النظريات السيكولوجية الهامة وهي تعتبر إطاراً مرجعياً يمكن أن تبني عليه المقاربة البيداغوجية وسنكتفي بأربع مقاربات أساسية وهي كالتالي:
- النظرية السلوكية
- النظرية البنــائية
- النظرية المعرفية الاجتماعية
- النظرية المعرفية "جدلية النمو والتعلم"
النظريات السيكوولوجية للتعلم |
النظرية السلوكية
بالنسبة للنظرية السلوكية تعتبرالتعلم كسيرورة خارجية ترتبط بمحيط الفرد وظروفه الاجتماعية والنظرية السلوكية هي نظرية امبريقية، تجريبية، علمية موضوعية.
القاعدة الأساسية للتعلم حسب النظرية السلوكية هي مثير-استجابة، وتركز دائما على السلوك الخارجي ولايهمها ما يجري في العلبة السوداء.
والتعلم هو عملية تعديل وتغيير في سلوك الفرد.كيف ذلك؟ للجواب على هذا السؤال سنقدم مجموعة من النماذج أو أبحاث متعددة حول مفهوم التعلم من أشهرها:
التعلم الشرطي: "بافلوف" "واطسون"
هو الاقتران بين المثير الطبيعي والمثير الشرطي أو الاصطناعي، عن طريق حدوث ارتباطات عصبية مثال(بين السمع وإفراز الغدد اللعابية).
التعلم عن طريق المحاولة والخطأ: "ثورنيدايك"
يتم هذا التعلم عبر سلسلة من التعديلات في السلوك بواسطة المحولات والخطأ ومن قوانين التعلم:
- الارتباط ما بين المثير والاستجابة أو المحاولة والخطأ.
- قانون الأثر.
- قانون التدرب والتمرن والتكرار"الحفظ الألي".
- قانون الاستعداد.
- قانون الانتشار أو التعميم.
التعلم عن طريق التعلم بالتعزيز أو ما يسمى الإشراط الفاعل : سكينر
التعلم عند "سكينر" هو تعديل أو تغيير في السلوك، ليس وفق المعادلة الكلاسيكية مثير-استجابة، ولكن بالاضافة إلى تدخل الكائن الحي لاختيار السلوك المرغوب فيه.
- التعزيز: هو أي حدث سار يتبع سلوك ما بحيث يعمل على تقوية احتمال تكرارها في مرات لاحقة.
- العقاب: يستعمل لاطفاء سلوك معين، ويعتبر إجراء مؤلم أو مثير غير مرغوب فيه يتبع سلوك ما بحيث يعمل على إضعاف احتمال تكراره.
لقد انتهت هذه البحوث إلى الخلاصات التالية:
- كل تعلم هو عبارة عن سيرورة ميكانيكية ترابطية خارجية.
- كل تعلم يكون فيه المتعلم عنصر سلبي يكتفي باستقبال المعلومات "صفحة بيضاء".
- كل متعلم قابل لأن يتعلم أي شيء وفي أي سن كان وفي أي وقت.
- التعلم عبارة عن اكتشاف استجابات حسية حركية أما النمو فهو عبارة عن أليلة.
- يشكل الحيوان الحقل التجريبي لتعلم الإنسان. ⇦ يمثل كل من التكرار والتحفيز محرك التعلم.
النظرية البنــائية
التعلم حسب النظرية البنائية كسيرورة داخلية ترتبط بمحيط بذات الفرد المتعلم وإمكانياته البيوسيكولوجية والنظرية البنائية التكوينية هي نظرية سيكولوجية ، معرفية ، بنائية.
القاعدة الأساسية للتعلم بالنسبة للنظرية البنائية هي مثير - ذات - استجابة. والتعلم حسب هذه النظرية هو بنية وانبناء المعارف.
نموذج "بياجي" ويمكن تحديد هذا النموذج في الخلاصات التالية:
التعلم عبارة عن نتيجة تفاعلية بين الذات والموضوع من خلال عمليتين معرفيتين أساسيتين هما الاستعاب والتلائم. و يشكل النمو سيرورة دينامية لبناء المعارف يقوم فيها المتعلم بدور فعال ونشيط بفضل تكيفه مع المحيط وإن ما يحكم هذه السيرورة عبارة عن أليات داخلية عامة نسميها "فعل التوازن والضبط الذاتي" لا تتأثر بالعوامل الخارجية إلا في حدود نسبية.
ويتحقق هذا النمو عبر مراحل متسلسلة في شكل بنيات معرفية تبدأ بما هو حسي حركي وتنتهي بما هو منطقي رياضي ، وتشكل هذه المراحل قيودا بنيوية تحدد للمتعلم ما يمكن أن يتعلمه في كل سن بحيث لا يمكنه أن يتعلم أي شيء دون مراعاة مستواه المعرفي لأن التعلم مشروط بالنمو والنضج.
النظرية المعرفية الاجتماعية
التعلم بالنسبة للنظرية المعرفية الاجتماعية هو نشاط معرفي ، ثقافي ، اجتماعي. و تؤكد هذه النظرية على أهمية دور العلاقات الاجتماعية والأدوار الثقافية في تنظيم التفكير.
القاعدة الأساسية للتعلم حسب النظرية المعرفية الاجتماعية هي ذات 1 "المتعلم" ، ذات 2 "الأخر ، المعلم" الموضوع. والتعلم ممارسة ثقافية للأفراد من خلال مشاركتهم في الأنشطة والمواقف التعليمية الواقعية، المتوافقة معه.
نموذج "فيكوتسكي" ، يمكن تلخيصه في الأفكار التالية:
تبنى السيرورات السيكولوجية العليا بالاستدماج التدريجي للأدوات الثقافية التي أنتجها الإنسان عبر التاريخ ( كاللغة والرموز والخرائط..) وبالتالي فإن ماهو سيكولوجي لا ينفصل عن الحياة الاجتماعية و مظاهرها التفاعلية خاصة بين الطفل والراشد.
وهناك دور الوالدان ، المربي ، الأخر.. أو ما يطلق عليه بالوسيط في بناءات الطفل المتعلم، يظهر من جهة عبر مفهوم المنطقة المجاورة للنمو التي تمثل الفارق القائم بين ما يقدِر المتعلم على إنجازه بمفرده وما لا يقدر على تحقيقه إلا بمساعدة الأخر، فيصبح هنا أجود التعلم هو الذي يسبق النمو الفعلي ويكون داخل هذه المنطقة.
ومن جهة أخرى عبر القانون الجوهري للنمو ، حيث إن كل وظيفة نفسية عليا تظهر مرتين خلال نمو الطفل ، المرة الأولى تظهر خلال كل نشاط اجتماعي أي كوظيفة بين نفسية ، ومرة أخرى كنشاط فردي داخلي أي كوظيفة ضمن نفسية.
النظرية المعرفية "جدلية النمو والتعلم"
التعلم حسب النظرية المعرفية ليس مشروط بالنمو كما يقول "بياجي" ، ولا بتأثر المحيط كما تقول السلوكية ، بل التعلم هو نتاج للتفاعل بينهما أي لنشاط الفرد في بناء وتطوير معارفه وفق الإمكانات التي يوفرها له المحيط ، وكذلك الاستعدادات والقدرات الخاصة التي يمتلكها.
وتركز النظرية المعرفية على مفهوم سيرورة الاكتساب الذي يقصد بها السيرورات والعمليات الذهنية التي يتم بموجبها تحويل المعطيات الحسية وانتقائها وتصفيتها وتخزينها واسترجاعها واستعمالها عند الحاجة، وهذا الأمر يتطلب مجموعة من القدرات والكفاءات الذهنية مثل " الانتباه ، الإدراك ، الفهم ، الذاكرة ، اللغة ، حل المشكلات ، اتخاذ القرار ، الإبداع..."
ويمكن توضيح طبيعة سيرورة الاكتساب بالاعتماد على ثلاث خصائص هي :
- التعلم نشاط ذهني أو معالجة معرفية أو تشغيل المعارف ، هذا ما يطلق عليه المعرفية. ويستند هذا النشاط الذهني على عمليات معرفية أساسية مثل " الفهم ، التمثل ، الإدراك ، الاستنباط..." واستراتيجيات وأساليب التفكير ، ثم الميطامعرفية "المراقبة ، الوعي بالفعل ، والتقوية".
- التعلم هو نظام من المعارف المتفاعلة والمعارف المتنوعة.
- التعلم هو تحويل للمعارف من معارف ساذجة ، سياقية ، أولية. إلى معارف علمية مجردة ، عبر سيرورتي النمو و التعلم.
خلاصة : أي نموذج أفضل ؟
في البداية ينبغي أن نقر بأن نظرية التعلم تتسم بالتعددية ، بتعدد المرجعيات وتنوع النماذج في تفسير ظاهرة التعلم ونطلق عليها ب " سوق نظريات التعلم " هذا التعدد يطرح إشكالية ابستمولوجية ، بيداغوجية ، إنسانية.
- إشكالية ابستمولوجية : تعدد المفاهيم أو التصورات في تفسير ظاهرة أو قضية التعلم.
- إشكالية بيداغوجية : هذا التعدد في التفسير يطرح إشكالية ملائمة كل نظرية تعلمية مع وضعية التعلم المدرسي.
- إشكالية إنسانية ، قيمية أخلاقية : التعليم هو التدخل الخارجي في تغيير التعلم الداخلي.
ما هو النموذج الأفضل لاحترام كرامة الإنسان وإنسانية الإنسان ؟