تعريف تقدير الذات
ذكر جيمس أن تقدير الذات يمثل العلاقة القائمة بين إدراك الفرد لكفاءته ونجاحه في مختلف الميادين وأهمية هذا النجاح وطموحات الفرد فيه. ومعناه أنه إذا كانت درجة نجاح الفرد المدرك في نفس مستوى طموحاته، أو في مستوى أعلى، فيلاحظ على الفرد تقدير ذات مرتفع. أما إذا كانت طموحات الفرد أعلى من مستوى نجاحه المدرك فإن تقدير ذاته يكون منخفضاً.
وأشار كولي إلى أن أصول تقدير الذات تتمثل في الكيفية التي يدرك بها الفرد آراء الآخرين نحوه.
وعرّفه كوبر سميث بأنه: " تقييم الفرد لنفسه وبنفسه، ويعمل على المحافظة عليه. ويتضمن اتجاهات الفرد الإيجابية أو السلبية نحو الذات".
مكانة تقدير الذات وأهميته في حياة الأفراد |
يرى "روزنبرغ" تقدير الذات أنه:" اتجاهات الفرد نحو نفسه أكانت سالبة أو موجبة، وبالتالي فإن تقدير الذات المرتفع لدى الفرد هو أن يقيم ذاته ويعتبرها ذي أهمية، في حين تقدير الذات المنخفض هو احتقار للذات وعدم الرضا النفسي، وكذلك تقدير الذات إدراك الفرد لذاته بعد تقييم الآخرين له.
يعرف "جونسون" تقدير الذات أنه: "درجة تقييم الفرد لذاته، حتى يكون الفرد متمكن للتكيف مع ذاته، وتقدير الذات ليس اعتبار الذات فحسب بصورة موجبة، بل هي أيضا الشعور الداخلي بالقيمة الذاتية، وتقبل الذات مهما كانت عليها".
يعرف كاميلو ونتالي تقدير الذات أنه: "الحكم والتقييم الذي يضعه الفرد لنفسه، وتقدير لكفاءاته وشعوره بأهمية نفسه واحترامه لذاته في صورتها كما هي، ومقارنة مع الأفراد الآخرين".
مكانة تقدير الذات وأهميته في حياة الأفراد
يحتل تقدير الذات مكانة مهمة ومركزية في دراسات علم النفس الحديث عامة، وفي كتابات علماء الشخصية خاصة، إذ يعد إدراك الفرد لذاته محددا لسلوكه في المستقبل فنجده يستمر في تنمية وتطوير قدراته وإمكاناته عندما يكون متقبلا لذاته. أما إذا فقد هذا التقبل فإنه يستخدم معظم طاقاته في الهدم أكثر من البناء. وقد ظهر عند بعض منظري الشخصية مثل روجرز، مورفي، هورني وأدلر أن اعتماد الفرد اتجاهاً إيجابياً نحو ذاته يعتبر عاملاً مهماً. ولقد أولى العديد من علماء النفس المحدثين أهمية كبرى للمكانة التي يحتلها تقدير الذات في حياة الأفراد من جهة، والدور الذي يلعبه في حياتهم الدراسية والاجتماعية والمهنية من جهة أخرى.
وتــأتي أهميــة تقــدير الــذات خــلال مــا يصــنعه الفــرد لنفســه، ويــؤثر بوضــوح فــي تحديـد أهدافـه، واسـتجاباته نحـو الآخـرين، ونحـو نفسـه، ممـا جعـل المنظـرين فــي مجــال الصــحة النفســية إلــى الإشارة إلى تــأثير تقــدير الــذات فــي حيــاة الأفــراد، وكــان فروم من الأوائل الذين لاحظوا الارتباط الوثيق بين تقدير الشخص لنفسـه، ومشـاعره نحـو الآخـرين، وأن تقـدير الـذات المـنخفض يعتبـر شـكلاً مـن أشـكال العصـاب.
وذكر عبد الــرؤوف أن الــذات هــي أســاس التوافــق بالنســبة للفــرد، وأن الإنســان يســعى لتحقيــق ذاتــه عــن طريــق اشــباع حاجاتــه المختلفــة، دون حــدوث تعــارض مــع متطلبـات وظـروف البيئـة المحيطـة بـه. وبمـدى نجـاح الفـرد فـي تحقيـق هـذا التـوازن، ينمـو لديـه تقـدير موجـب لذاتـه بدرجـة مرتفعـة ويختلـف الأفـراد فـي تحقيـق هـذا التـوازن ممـا يعمـل علـى اخـتلاف تقـدير الـذات لـديهم، وهـو مـا يـؤدي إلـى التقـدير المرتفـع أو المـنخفض للـذات، ويختلـف تقـدير الـذات حسـب المواقـف إذ يتـأثر بـالظروف البيئيـة فيكون تقدير الذات إيجابياً إذا كانت مثيرات البيئة إيجابية.
ويندرج تقدير الذات بين أكثر سمات الشخصية التي تمت دراستها عبر العقود الماضية، ويأتي جزء من الاهتمام به من الاعتقاد بأنه مسؤول عن عدد كبير من المشكلات النفسية والاجتماعية.
ولا يوجد حكم أو تقويم أكثر أهمية وقيمة بالنسبة للفرد من التقدير الذي يحمله هو لذاته، كما لا يوجد أيضا عامل أكثر حسما في الارتقاء النفسي وفي مستوى الدافعية، أكثر من التقدير الذي يحمله الفرد لذاته. وأشار علماء النفس الاجتماعي عامة، وعلماء الشخصية خاصة إلى أهمية التركيز على العلاقة بين الذات والبناء الاجتماعي عند تفسير كيفية تأثير الظروف الخارجية على الحالة الوجدانية للفرد. كما تتحدد الصحة النفسية بالارتفاع أو الانخفاض تبعا لشكل أو طبيعة النظر إلى الذات، فيشار عادة إلى الصحة النفسية الجيّدة على أنها نوع من تقبل الذات أو الثقة بها.
خلاصة:
إن الذات وتقديرها تعبر عن الحكم الذاتي للشخص عن ذاته وعلى صلاحيتها من خلال اتجاه تقويمي يكون إيجابيا أو سلبيا، فإذا كان اتجاه الفرد إيجابي نحو ذاته، يرى صاحبها أنه ذو كفاءات تؤهله إلى أن يواجه التحديات، أما إذا كان التقييم سلبي للذات، يرى صاحبها أنه ضعيف القدرات لا يستطيع أداء أعماله وحينها يشعر بالتوتر والضغوط النفسية التي تسيطر عليه فيحس بالإحباط والفشل، وتظهر أهمية تقدير الذات ما أشار إليه الكثير من الباحثين المهتمين بدراسته أمثال كوبر سميث وزيلر روزنبرغ والذين أكدوا على علاقته بمقومات الشخصية وعلى أهمية أساليب الرعاية الأسرية في اكتساب الفرد تقديرا ذاتيا عاليا في سن مبكرة، كما أكدت على أهمية التفاعل الاجتماعي واحتكاك الذات بالآخرين وإكسابها خبرات كون أن تقدير الذات غير ثابت إذ أن الفرد يتعلم خبرات في حياته ويكون بها نظرة على ذاته.